علم نفس اللون : تأثير الألوان على السلوك والشعور

علم نفس اللون أو اللوني، هل يؤثر اللون على السلوك وشعورك والمزاج، وكيف تؤثر الألوان على الحالة المزاجية والمشاعر والسلوكيات، تعرف على علم نفس الألوان.

علم نفس اللون : تأثير الألوان على السلوك والشعور
علم نفس اللون: هل يؤثر اللون على السلوك والشعور

علم نفس الألوان

في البداية نريدك أن تتأمل في هذين السؤالين، تأمل في نفسك هل تشعر بالقلق في غرفة صفراء؟ وهل يجعلك اللون الأزرق تشعر بالهدوء والطمأنينة والاسترخاء؟، يعتقد الفنانون ومصممي الديكور الداخلي أن الألوان يمكن أن تؤثر بشكل كبير جدا على الحالة المزاجية للشخص والمشاعر وعواطف الشخص أيضا. 

يقول الفنان بابلو بيكاسو : "الألوان ، هي تماما مثل الملامح ، تتبع تغيرات المشاعر". 

يعد اللون وسيلة تواصل قوية ويمكن استخدامه للإشارة إلى العمل والتأثير على الحالة المزاجية وحتى التأثير على ردود الفعل الفسيولوجية. حيث ترتبط ألوان معينة ببعض التغيرات الفسيولوجية في الشخص، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم وزيادة التمثيل الغذائي وإجهاد العينين.

في هذه المقالة سنتناول ما يعنيه علم نفس اللون أو كما يسمى علم النفس اللوني وكيف تؤثر الألوان على العقل والجسم. كما سنكتشف في هذه المقالة بحث حول تأثير اللون على ردود الفعل النفسية التي قد يتعرض لها الناس.

ما هو علم نفس اللون

علم نفس اللون أو علم نفس الألوان هو الدراسة العلمية لكيفية تأثير الألوان المختلفة على مزاج الإنسان وسلوكه. يستكشف هذا الفرع من فروع علم النفس كيف يمكن للألوان أن تؤثر على الاستجابات العاطفية للانسان، وكذلك كيف تتأثر الاستجابات النفسية للون بعوامل أخرى مثل العمر والخلفية الثقافية.

تشمل الموضوعات المختلفة التي يعالجها هذا المجال ما يلي:

  • معاني الألوان
  • كيف تؤثر الألوان على الاستجابات الفسيولوجية للشخص
  • ردود الفعل العاطفية للانسان على اللون
  • العوامل التي تؤثر على تفضيلات واختيارات اللون
  • الاختلافات الثقافية في المعاني والمركبات ذات الألوان المختلفة
  • هل تؤثر الألوان على الصحة العقلية
  • كيف يمكن للألوان أن تؤثر على السلوكيات
  • الطرق التي يمكن من خلالها استخدام الألوان لتعزيز الراحة والرفاهية
  • كيف يمكن استخدام الألوان لتحسين السلامة وتصميم بيئات المنزل والعمل الأكثر مثالية.

علم النفس الألوان

تاريخ علم نفس اللون

يعد الاستكشاف العلمي لعلم نفس الألوان جديدًا نسبيًا، لكن الانسان اهتم منذ فترة طويلة بطبيعة اللون وتأثيره.  ففي الثقافات القديمة، غالبًا ما كانت الألوان تُستخدم لعلاج الحالات المختلفة والتأثير على المشاعر.  كما لعبت الألوان دورًا في الممارسات الروحية المختلفة على سبيل المثال الشاكرات السبع في الهندوسية.

في عام 1666 اكتشف العالم الإنجليزي السير إسحاق نيوتن أنه عندما يمر الضوء الأبيض النقي عبر منشور، فإنه ينفصل إلى جميع الألوان المرئية أي ألوان الطيف.  وجد نيوتن أيضًا أن كل لون يتكون من طول موجي واحد ولا يمكن فصله إلى ألوان أخرى.

أظهرت تجارب أخرى أنه يمكن دمج الأضواء الملونة لتشكيل ألوان أخرى. على سبيل المثال، الضوء الأحمر الممزوج بالضوء الأصفر يخلق لون برتقالي.  فبعض الألوان، مثل الأخضر والأرجواني، تلغي بعضها البعض عند مزجها، مما ينتج عنه ضوء أبيض.

أشار الباحثان أندرو إليوت وماركوس ماير في مراجعة للبحوث الحالية حول علم نفس اللون بقولهم : "نظرًا لانتشار اللون في جميع مناحي الحياة، يمكن أن نتوقع أن يتطور علم نفس اللون كمجال جديد ".  "من المثير للدهشة قلة إجراءات العمل النظري أو التجريبي حتى الآن على تأثير اللون على الأداء النفسي، الى جانب أن العمل الذي تم إنجازه مدفوعًا في الغالب بمخاوف عملية، وليس الدقة العلمية." 

على الرغم من النقص العام في البحث في هذا المجال، فقد أصبح علم نفس الألوان موضوعًا ساخنًا في التسويق والفن والتصميم ومجالات أخرى.

هناك الكثير من الأدلة في هذا المجال الناشئ وهي ذات طبيعة قصصية وانشائية في أحسن الأحوال، لكن اليوم قام الباحثين والخبراء ببعض الاكتشافات والملاحظات المهمة حول نفسية اللون وتأثيره على الحالة المزاجية والمشاعر والسلوكيات.

تأثير الألوان في علم النفس

يمكن أن يكون للألوان تأثير عميق على صحتنا النفسية والجسدية، وكذلك على كيفية إدراكنا للعالم. حيث تثير الألوان بعض المشاعر والأفكار والسلوكيات عندما نواجهها. على سبيل المثال، يرتبط اللون الأحمر بمشاعر القوة ويمكن اعتباره علامة تحذير.

من ناحية أخرى، غالبا ما ينظر إلى اللون الأزرق على أنه مهدئ ويمكن استخدامه لإثارة الشعور بالسلام. لذلك يمكن أيضا استخدام الألوان للتأثير على سلوك المستهلك.

فقد أظهرت الدراسات أن الناس أكثر عرضة لشراء المنتجات في عبوات ذات ألوان زاهية أو تتميز بلونهم المفضل. بالإضافة إلى ذلك، وجد أن اللونين الأزرق والأخضر لهما تأثير مهدئ ويمكن أن يقلل من مستويات التوتر في أماكن الرعاية الصحية. لذلك، فإن تأثير الألوان في علم النفس قوي جدا ويجب أخذه في الاعتبار في مجموعة من المجالات مثل اتخاذ القرارات أو تصميم المساحات.

تأثير الألوان على نفسية الانسان

لماذا يعتبر اللون قوة جبارة في تحديد نوعية حياتنا؟ ما هي آثاره على أجسادنا وعقولنا؟. تعتبر تصورات اللون مسألة ذاتية إلى حد ما، الا أن بعض تأثيرات الألوان لها معاني ورموز عالمية.

تُعرف الألوان الموجودة في المنطقة الحمراء من نطاق الألوان مثلا بالألوان الدافئة وتشمل الأحمر والبرتقالي والأصفر. وتثير هذه الألوان الدافئة مشاعر تتراوح من مشاعر الدفء والراحة إلى مشاعر الغضب والعداء.

تُعرف الألوان الموجودة في اللون الأزرق أوالقريبة منه في الطيف بالألوان الباردة وتشمل الأزرق والأرجواني والأخضر. وغالبًا ما توصف هذه الألوان بالهدوء، ولكنها قد تستدعي أيضًا مشاعر الحزن أو اللامبالاة.

معاني الألون الرمزية

تختلف المعاني الرمزية للألوان وفق الآتي بيانه :

  • اللون الأحمر: الشغف ، الإثارة ، الحب
  • اللون الوردي: ناعم ، متحفظ ، ترابي
  • اللون البنفسجي: غامض ، نبيل ، ساحر
  • اللون الأزرق: الحكمة ، الأمل ، العقل ، السلام
  • اللون الأخضر: الطبيعة ، النمو ، النضارة
  • اللون الأصفر: الأمل والفرح والخطر
  • اللون البرتقالي: يشير الى الدفء واللطف والفرح
  • اللون الأبيض: الحقيقة ، اللامبالاة
  • اللون الأسود: يشير الى النبل ، والغموض ، والبرودة

وجدت إحدى الدراسات التي أجريت عام 2020 والتي استطلعت الارتباطات العاطفية لـ 4598 شخصًا من 30 دولة مختلفة أن الناس يربطون عادةً ألوانًا معينة بمشاعر محددة.  خلصت الدراسة الى النتائج التالية:

  • اللون الأسود : ربط 51٪ من المشاركين الأسود بالحزن
  • اللون الأبيض : 43٪ من الأشخاص يربطون بالأبيض بالارتياح
  • اللون الأحمر : 68٪ يرتبط الأحمر بالحب
  • اللون الأزرق : 35٪ يربطون اللون الأزرق بمشاعر الراحة 
  • اللون الأخضر : 39٪ مرتبط الأخضر بالرضا
  • اللون الأصفر : شعر 52٪ أن اللون الأصفر يعني الفرح
  • اللون الأرجواني : ذكر 25٪ أن اللون الأرجواني يرتبط بالمتعة
  • اللون البني : 36٪ يربطون باللون البني بالاشمئزاز
  • اللون البرتقالي : 44٪ يربطون البرتقالي بالبهجة
  • اللون الوردي : 50٪ يربطون اللون الوردي بالحب

اقترح باحثو الدراسة أن مثل هذه النتائج تشير إلى أن ارتباطات العاطفة اللونية لها صفات عالمية.  وقد تلعب هذه المعاني المشتركة دورًا أساسيًا في المساعدة على التواصل.

لكن غالبًا ما تكون مشاعرك تجاه اللون شخصية بعمق ومتأصلة في تجربتك أو ثقافتك.  على سبيل المثال، يستخدم اللون الأبيض في العديد من الدول الغربية للتعبير عن النقاء والبراءة ، إلا أنه يُنظر إليه على أنه رمز للحداد في العديد من الدول الشرقية.

العلاج بالألوان في علم نفس الألوان

مارست العديد من الثقافات القديمة، بما في ذلك المصريون والصينيون، العلاج بالألوان أو استخدام الألوان للشفاء.  يشار أحيانًا إلى العلاج بالألوان على أنه العلاج بالضوء أو علم الألوان.

لا يزال علم الألوان يستخدم اليوم كعلاج شامل أو بديل  . في هذا العلاج:

  • يستخدم اللون الأحمر لتنشيط الجسم والعقل وزيادة الدورة الدموية.
  • يُعتقد أن اللون الأصفر يحفز الأعصاب وينقي الجسم.
  • يستخدم البرتقال لشفاء الرئتين ولزيادة مستويات الطاقة.
  • يُعتقد أن اللون الأزرق يهدئ الأمراض ويعالج الألم.
  • يُعتقد أن اللون النيلي يخفف من مشاكل الجلد.

اقترحت دراسة أجريت عام 2020 أن العلاج بالألوان قد يكون وسيلة فعالة للمساعدة في مكافحة مشاعر إجهاد التعاطف والإجهاد اللاحق للصدمة عند ممرضات وحدات العناية المركزة.  الا أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث في هذا الصدد.

تأثير علم نفس اللون على النفسية

البحوث الحديثة في علم نفس اللون

ينظر معظم علماء النفس إلى العلاج بالألوان بتشكك ويشيرون إلى أن التأثيرات المفترضة للون غالبًا ما تكون مبالغًا فيها بشكل كبير.  فالألوان أيضًا لها معاني مختلفة في الثقافات المختلفة.

ومع ذلك، فإن تأثيرات تغيير الحالة المزاجية للون قد تكون مؤقتة فقط.  حيث قد تتسبب الغرفة الزرقاء في البداية في الشعور بالهدوء، لكن التأثير يتلاشى بعد فترة قصيرة من الزمن.

فقد وجدت الأبحاث الحالية أن اللون يمكن أن يؤثر على الناس بعدة طرق مفاجئة:

  • ترتبط الحبوب الملونة بقدر أكبر من تخفيف الآلام، حيث ترتبط الحبوب الحمراء بخصائص منشطة أكبر. 
  • يتسبب اللون الأحمر في تفاعل الناس بسرعة وقوة أكبر، وهو أمر قد يكون مفيدًا أثناء الأنشطة الرياضية وفقًا للباحثين. 
  • ومن المرجح حسب الباحثين أن يتلقى اللاعبون ذوو الزي الأسود عقوبات في الأحداث الرياضية التنافسية.

الحاجة إلى المزيد من البحث في علن النفس اللوني

يتزايد الاهتمام بموضوع علم نفس الألوان بمرور الوقت، ولكن لا يزال هناك العديد من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها.  كيف تتطور تأثيرات اللون؟ ما مدى قوة تأثير هذه الارتباطات على سلوك العالم الحقيقي؟.

هل يمكن استخدام الألوان لزيادة إنتاجية العمال أو السلامة في مكان العمل؟ ما هي الألوان التي لها تأثير على سلوك المستهلك؟ هل تفضل أنواع معينة من الشخصيات ألوانًا معينة؟ مع استمرار الباحثين في استكشاف مثل هذه الأسئلة، قد نتعلم قريبًا المزيد عن تأثير اللون على علم النفس البشري.

تقترح زينة أوكونور، عضو هيئة التدريس في قسم الهندسة المعمارية والتصميم والتخطيط بجامعة سيدني، أن الناس يجب أن يكونوا حذرين من العديد من الادعاءات التي يرونها حول علم نفس اللون.

توضح أوكونور أن "العديد من هذه الادعاءات تفتقر إلى إثبات من حيث الدعم التجريبي، وتظهر عيوبًا أساسية (مثل التبسيط السببي والتحقق من الصحة الشخصية)، وقد تتضمن الحقائق الواقعية المقدمة كحقائق". "بالإضافة إلى ذلك ، غالبًا ما تشير مثل هذه الادعاءات إلى أبحاث قديمة دون الرجوع إلى نتائج الأبحاث الحالية." 

لذلك، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم الآثار العقلية والجسدية للون.  وقد توجد ارتباطات عالمية بين الألوان والعواطف والمزاج، لكن هناك العديد من العوامل الأخرى، بما في ذلك التفضيلات الشخصية والتجارب الفردية، التي تلعب أيضًا دورًا مهمًا في استجابتك العاطفية والسلوكية الفريدة للون.

هل يمكن أن يؤثر اللون على الأداء والكفاءة

أظهرت الدراسات أيضًا أن ألوانًا معينة يمكن أن يكون لها تأثير على الأداء.  لا أحد يحب أن يرى اختبارًا متدرجًا مغطى بالحبر الأحمر، ولكن وجدت إحدى الدراسات أن رؤية اللون الأحمر قبل إجراء الاختبار يضر في الواقع بأداء الاختبار.

غالبا ما يوصف اللون الأحمر بأنه تهديد، إلا أن العديد من الدراسات السابقة حول تأثير اللون الأحمر كانت غير حاسمة إلى حد كبير.  فقد وجدت الدراسة، مع ذلك، أن تعريض الطلاب للون الأحمر قبل الامتحان ثبت أن له تأثير سلبي على أداء الاختبار.

في أول التجارب الست الموضحة في الدراسة، عُرض على 71 طالبًا من الكليات الأمريكية رقم مشارك ملون إما باللون الأحمر أو الأخضر أو ​​الأسود قبل إجراء اختبار مدته خمس دقائق.

وكشفت النتائج أن الطلاب الذين حصلوا على الرقم الأحمر قبل إجراء الاختبار سجلوا درجات أقل بأكثر من 20٪ من أولئك الذين حصلوا على الرقمين الأخضر والأسود.

تأثير اللون على عملية الشراء عند المستهلك

يقترح علم نفس اللون أن الألوان المختلفة يمكن أن يكون لها تأثيرات مختلفة، من تعزيز الحالة المزاجية إلى التسبب في القلق.  ولكن هل يمكن أن يقول لون المنتجات التي تشتريها شيئًا ما عن شخصيتك؟ على سبيل المثال، هل يمكن أن يرتبط لون السيارة التي تشتريها بطريقة ما ببعض سمات الشخصية الأساسية لديك؟.

قد تشير تفضيلات الألوان الخاصة بك إلى شيء ما عن الصورة التي تحاول عرضها عند شراء الأشياء.  حيث يمكن لتفضيلات الألوان، من الملابس التي ترتديها إلى السيارة التي تقودها، أن تدلي أحيانًا بمعلومات حول الطريقة التي نريد أن يفهمنا بها الآخرون.  ويمكن أن تؤثر العوامل الأخرى أيضا، مثل العمر والجنس، على اختياراتنا للألوان.

  • اللون الأبيض : كما اقترحت العديد من الدراسات، يمكن أن يشعرك اللون الأبيض بالانتعاش والنظافة.  وغالبًا ما يستخدم اللون الأبيض لإثارة الشعور بالشباب والحداثة. 
  • اللون الأسود : غالبًا ما يصف الناس اللون الأسود بأنه لون "قوي" ، وقد يكون هذا هو السبب في أن اللون الأسود هو اللون الأكثر شيوعًا للسيارات الفاخرة.  حيث أنه غالبًا ما يصف الناس اللون الأسود بأنه مثير وقوي وغامض.
  • اللون الفضي : هو ثالث أشهر لون للمركبات ويرتبط بإحساس الابتكار والحداثة.  غالبًا ما تكون المنتجات عالية التقنية فضية، لذلك غالبًا ما يُنظر إلى اللون الفضي على أنه جديد وحديث ومتطور.
  • اللون الأحمر : اللون الأحمر هو لون جريء يلفت الانتباه، لذا فإن تفضيل هذا النوع من اللون على السيارات قد يعني أنك تريد عرض صورة القوة والحركة والثقة.
  • اللون الأزرق : غالبًا ما يصف الناس اللون الأزرق بأنه لون الاستقرار والأمان. وقد تشير قيادة سيارة زرقاء ذات الدفع الرباعي إلى أنك جدير بالثقة ويمكن الاعتماد عليه.
  • اللون الأصفر : وفقًا للخبراء، قد تعني قيادة مركبة صفراء أنك شخص سعيد بشكل عام وربما أكثر استعدادًا من الشخص العادي لتحمل المخاطر.
  • اللون الرمادي : يقترح الخبراء أن الأشخاص الذين يقودون سيارات رمادية لا يريدون التميز ويفضلون بدلاً من ذلك شيئًا أكثر دقة.

بالطبع ، غالبًا ما تتأثر اختياراتنا للألوان بالسعر والاختيار والمخاوف العملية الأخرى.  ليس ذلك فحسب، بل يمكن أن تتغير تفضيلات الألوان أيضًا بمرور الوقت.

قد يفضل الشخص ألوانًا أكثر إشراقًا وأكثر جذبًا للانتباه عندما يكون أصغر سنًا، لكن قد تجده منجذبًا إلى ألوان أكثر تقليدية مع تقدمه في السن.  يمكن أن تلعب شخصية المشتري دورًا مهمًا في اختيار اللون، ولكن غالبًا ما يتأثر المشترون بشدة بعوامل مثل السعر بالإضافة إلى التوافر.

على سبيل المثال، قد يكون شراء سيارة بيضاء مرتبط بالمناخ الذي تعيش فيه أكثر من مسألة أن يعتقد الناس أنك شاب عصري؛ حيث يفضل الأشخاص الذين يعيشون في المناخات الحارة المركبات ذات الألوان الفاتحة على المركبات الداكنة.

سيكولوجية اللون في حياة الطفل

تلعب سيكولوجية اللون دورا مهما في حياة الطفل. حيث يمكن أن ترتبط نماذج مختلفة من الألوان ببعض المشاعر والعواطف، وبالتالي يمكن لهذه الألوان أن تشكل كيف يفسر الطفل العالم من حوله ويتفاعل معه.

وجدت الدراسات أن الأطفال يستجيبون لألوان معينة بسرعة أكبر من غيرها. على سبيل المثال، غالبا ما يرتبط اللون الأحمر والأصفر بالإثارة، بينما يرتبط اللون الأزرق والأخضر بالهدوء.

كما يمكن أن يكون اللون الأحمر والبرتقالي محفزا ويمكن أن يزيد من اليقظة والانتباه، في حين أن الأزرق والأخضر يمكن أن يجلبا إحساسا بالصفاء والسكينة. بالإضافة إلى ذلك، وجدت الأبحاث أن الألوان الأكثر إشراقا غالبا ما تكون جذابة للأطفال ويمكن أن تساعد في الحفاظ على انتباههم.

لذلك يمكن استخدام اللون لتسهيل التعلم في حياة الطفل. حيث يمكن أن تساعد الألوان الزاهية الطفل على التركيز وتذكر المعلومات الجديدة، بينما يمكن أن تساعد الألوان الناعمة الطفل على الاسترخاء. ويمكن أن تساعد الألوان أيضا الأطفال على فهم المفاهيم المختلفة بشكل أفضل، حيث يمكن أن يمثل كل لون أفكارا مختلفة. على سبيل المثال، يمكن أن يمثل اللون الأزرق الماء، ويمكن أن يمثل اللون الأخضر الطبيعة، ويمكن أن يمثل اللون الأصفر أشعة الشمس.

لذلك من المهم التعرف على تأثير اللون على حياة الطفل وكيف يمكن أن يأثر على نموه. حيث يمكن استخدام اللون كأداة لمساعدة الأطفال على التعلم وإجراء روابط بين الأشياء التي يرونها ويسمعونها ويشعرون بها.

فمن خلال فهم كيفية تأثير اللون على مشاعر الطفل وسلوكه، يمكن للوالدين والمعلمين ومقدمي الرعاية الآخرين خلق بيئة رعاية وتحفيز للطفل لينمو فيها.

العلاج بالألوان في علم النفس

العلاج بالألوان، المعروف أيضا باسم العلاج اللوني، هو ممارسة علاجية بديلة تستخدم استخدام الألوان للمساعدة في تحقيق التوازن بين الجوانب النفسية والجسدية والروحية لوجود الشخص. حيث يعتمد هذا العلاج على الاعتقاد بأن الألوان يمكن أن تؤثر على مزاج الشخص ورفاهيته، وأن كل لون له خصائصه الفريدة في مجال الطاقة والشفاء.

يمكن استخدام العلاج بالألوان في علم النفس، لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الصحة النفسية، مثل الاكتئاب والقلق والتوتر. وذلك من خلال تعريضهم لألوان مختلفة، حيث يهدف ممارسو العلاج بالألوان إلى تحقيق التوازن بين جسم الشخص وعقله وروحه. كما يعتقد أن العلاج بالألوان مفيد بشكل خاص للأشخاص الذين يعانون من خلل في مستويات الطاقة لديهم، حيث يمكن استخدام الألوان لتنشيط أو تهدئة أجزاء مختلفة من الجسم.

بالتالي تعتمد الألوان المستخدمة في العلاج بالألوان عادة على الألوان السبعة لقوس قزح وتسمى ألوان الطيف وهي الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والنيلي والبنفسجي. حيث يُعتقد أن كل لون له خصائصه العلاجية الفريدة ويمكن استخدامه للمساعدة في علاج مشاكل جسدية ونفسية وعاطفية محددة. على سبيل المثال، من المعروف أن اللون الأحمر ينشط ويساعد الناس على التغلب على الخوف والغضب، بينما يُعتقد أن اللون الأزرق مهدئ ويساعد في تقليل التوتر.

العلاج بالألوان هو نهج علاجي غير جراحي تم استخدامه لعدة قرون ويكتسب شعبية في مجال علم النفس. حيث تعتبر طريقة آمنة وفعالة لمساعدة الناس على تحسين صحتهم النفسية والجسدية والعاطفية.

علم الألوان

علم الألوان هو فرع من فروع العلوم التي تدرس الخصائص الفيزيائية للون، والآثار النفسية للون، وإدراك اللون، واستخدام اللون في التصميم. فهو علم ينطوي على فهم فيزياء الضوء، وفسيولوجيا العين، وعلم نفس الإدراك.

 بمعنى آخر، علم الألوان هو دراسة كيفية رؤية الناس للون وتجربته وتفاعلهم معه.

خلاصة

يمكن أن يلعب اللون دورًا مهمًا في نقل المعلومات، وخلق حالات مزاجية معينة، وحتى التأثير على القرارات التي يتخذها الأشخاص.  تؤثر تفضيلات الألوان أيضًا على الأشياء التي يختار الأشخاص شرائها والملابس التي يرتدونها والطريقة التي يزينون بها بيئاتهم.

غالبًا ما يختار الأشخاص أشياء بألوان تثير مزاجًا أو مشاعر معينة، مثل اختيار لون السيارة الذي يبدو رياضيًا أو مستقبليًا أو أملسًا أو جديرًا بالثقة.  ويمكن أيضًا استخدام ألوان الغرفة لاستحضار حالات مزاجية معينة، مثل طلاء غرفة النوم باللون الأخضر الناعم لخلق حالة مزاجية هادئة.

إذن ما هي الفكرة العامة من هذا؟، وجد الخبراء أن اللون يمكن أن يكون له تأثير على الطريقة التي نشعر بها ونتصرف بها، فإن هذه التأثيرات تخضع لعوامل شخصية وثقافية وظرفية أيضا.  هناك حاجة إلى مزيد من البحث العلمي لاكتساب فهم أفضل لعلم نفس الألوان.

 

المصادر

  •  علم نفس الألوان، ويكيبيديا
  •  علم النفس الألوان التأثيرات النفسية للألوان، مصطفى شكيب
  • O’Connor Z. Colour psychology and colour therapy: Caveat emptor. Color Res Appl. 2011;36(3):229-234. doi:10.1002/col.20597