التمركز حول الذات عند المراهقين

ما هو التمركز حول الذات عند المراهقين؟

عندما يصل المراهقون إلى مرحة معينة من البلوغ وتنضج عقولهم ، قد يواجهون تغيرات كبيرة في منظوراتهم نحو الحياة والمجتمع، بالتوجه أكثر الى التركيز على الذات، وهو ما يسمى التمركز حول الذات لدى المراهقين. في هذه الحالة ، يرغب المراهقون في التركيز أكثر على أنفسهم ، وأحيانًا قد يؤدي هذا التركيز على الذات لدى المراهقين إلى الإضرار بالآخرين من حولهم.

يمكن لهذا التحول في منظور المراهق أن يمثل تحديًا كبيرًا للآباء، الا أنه مسألة حتمية لدى المراهق لابد من المرور من خلالها، فالتركيز على الذات هو تجربة شائعة وعامة لدى المراهقين. وبالتالي فإن التعلم واكتساب المزيد من المعلومات حول التركيز على الذات لدى المراهقين وكيفية إدارتها للآباء يمكن أن يكون له تأثير كبير على سلوكهم مع المراهقين وفهم فترة المراهقة فهما ايجابيا. بناءً على ذلك، حاولنا في هذه المقالة فحص مرحلة التمركز حول الذات لدى المراهقين وطرق التعامل معها.

ما هو التمركز حول الذات؟

يشير التمركز حول الذات إلى حالة يضع فيها الشخص نفسه واحتياجاته أولاً ويركز عليها فقط، حتى لو كان هذا التركيز على حساب الآخرين. حيث يمر العديد من المراهقين بفترة يظهرون فيها ميولًا أنانية وبالتالي فالأنانية هي المرادف المعبر عن التمركز حول الذات.

احترام الذات مقابل التركيز على الذات لدى المراهقين

قد يبدو هذان المصطلحان متشابهين ولديهما أوجه تشابه كثيرة ، إلا أنهما ليسا متماثلين. فالشخص النرجسي يفكر في نفسه في الغالب، ولكن قد يهتم أيضًا بالآخرين، بينما يركز الشخص الأناني غالبًا على إيذاء الآخرين.

ويطلق على هذا التمركز على الذات لدى المراهقين أيضا بمصطلح نرجسية المراهقين وهو مصطلح صاغه عالم نفس الأطفال الدكتور ديفيد إلكيند. درس الدكتور إلكيند الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و 18 عامًا وركز على كيفية إدراكهم للعالم مقارنة بأقرانهم البالغين. اكتشف الدكتور إلكيند أن المراهقين غير قادرين إلى حد كبير على التمييز بين تصوراتهم الخاصة وتلك الخاصة بالآخرين. حيث يعتقد المراهقون باستمرار أن وجهة نظرهم هي وجهة النظر الوحيدة الممكنة والصحيحة وأن الأفكار الأخرى كلها خاطئة أو غير موجودة.

الأبوة والأمومة والتركيز على الذات عند المراهقين

يمكن أن يكون تركيز المراهقين على الذات مرحلة صعبة على الآباء، في حين أنها مرحلة من مراحل تطور المراهقين التي تتميز غالبًا بالجدل المستمر، والسلوك المتطلب، والانفجارات العاطفية المتكررة. يشعر بعض الآباء أن أطفالهم أصبحوا أشخاصًا مختلفين تمامًا، مستشهدين بالعدوانية المتزايدة والجدل والعناد باعتبارها أكثر التغيرات السلوكية شيوعًا لديهم.

إذا حدثت السلوكيات المتمحورة حول الذات عند المراهقين ، فقد يشعرك ذلك بالتعب واليأس والملل من هذه التصرفات خاصة وأنها متكررة. فإذا كنت تشعر بهذه الحالة تجاه ابنك المراهق، فلا تقلق. أنت بالتأكيد لست وحدك من يعاني من ذلك بل ان معظم الآباء يعانون أيضا. فقد تعتقد حتى أن علاقتك مع ابنك المراهق ستبقى متوترة إلى الأبد. لكن عليك أن تقبل أن هذه المرحلة من التطور هي في الواقع مرحلة مهمة في نمو الطفل. في بعض الحالات ، يساعدهم ذلك في الوصول إلى مراحل أكثر تقدمًا في شخصيتهم (على الرغم من أن بعض البالغين يكافحون للتغلب على قيود التركيز على الذات).

وقد تشعر أن طفلك يتصرف بشكل خطير للغاية أو متطرف، وهذه المخاوف طبيعية تمامًا. يعتقد العديد من علماء النفس أن إحدى المشكلات المتأصلة في التركيز على الذات لدى المراهقين هي تقليل الدقة في تقييم المخاطر. لهذا السبب، يتصرف العديد من المراهقين كما لو كانوا لا يقهرون خلال سنوات المراهقة.

ما هي مضاعفات التركيز على الذات لدى المراهقين؟

يمكن أيضًا تسمية تمركزية المراهقين على الذات (الجمهور الخيالي)  أو (الأسطورة الشخصية). تهدف مثل هذه الأسماء إلى إظهار الانطباع بأن المراهقين في هذه المرحلة من التطور يعتقدون أنهم يحظون باهتمام الجميع من حولهم. لهذا السبب، خلال فترة المراهقة ، قد يكافح بعض الأشخاص لجذب انتباه الآخرين لأنهم يعتقدون أن أقرانهم يراقبون بعناية كل تحركاتهم ويحكمون عليها بكل الطرق. حتى بعض الأشخاص قد يتفاعلون مع تركيز المراهقين على الذات بسلوكيات عدوانية. لذلك ، يعتقد المراهقون أن واجبهم في هذه الحالة هو الحفاظ على الشعور بالسيطرة والقوة.

"الجمهور الخيالي" مصطلح يؤثر على جميع الأشخاص من جميع الأعمار ، ولكنه أكثر شيوعًا في مرحلة المراهقة. حتى أنه يجعل المراهقين يحاولون جاهدين التأثير على الآخرين بسلوكهم. أحيانًا يجبرهم ذلك على القيام بمآثر أو أكاذيب "جريئة" لجذب انتباه الآخرين. الجمهور الخيالي لدى المراهقين يتسبب بشكل كبير في تغيير سلوكهم في مرحلة المراهقة.

وبالمثل ، تشير "الأسطورة الشخصية" إلى الطريقة التي ينظر بها المراهقون إلى أنفسهم والعالم من حولهم. لا يمكن للمراهقين التعرف على دورهم الصغير فيما يتعلق بالعالم بأسره ومحيطهم. وقد لا يدركون معنى النجاح والفشل. نتيجة لذلك ، فإن أي فشل صغير يمكن أن يعني نهاية العالم للمراهق ويؤدي إلى صدمة كبيرة أو فقدان الثقة بالنفس.

كيف تتعامل مع التمركز حول الذات لدى المراهق بطريقة إيجابية؟

قد يكون التعامل مع المراهقين الذين يمرون بمرحلة التركيز على الذات أمرًا صعبًا حتى بالنسبة للآباء الأكثر صبرًا ورعاية. لذلك ، تحتاج إلى الحصول على مساعدة من الآخرين لإدارة أنانية ابنك المراهق. ومع ذلك ، فإن بعض الحلول لإدارة هذه الحالة هي:

التواصل مع الأطفال المراهقين

قد يكون من الصعب نوعًا ما التواصل مع الأطفال المراهقين، لكن عليك اغتنام كل فرصة لإيجاد طرق للتواصل معهم.  وذلك بتلبية بعض متطلباته أحيانا، مثلا إذا كان طفلك يحب الحفلات الموسيقية، اصطحبه إلى حفلة موسيقية. وإذا كان ابنك المراهق يحب الآثار القديمة والمتحف، فاصطحبه في زيارة متحف محلي أو حوض أسماك أو أي متحف. يمكن أن يساعدك العثور على طريق للتواصل مع أطفالك على إدارة تركيز أطفالك على أنفسهم ومعرفة اهتماماتهم.

فكر في طفولتك.

قد لا تكون قادرًا على تحديد جميع مسببات الضغط التي يتعرض لها أطفالك، ولكن يمكن أن يكون لتوترهم أسباب عديدة. في هذه الحالة ، من الأفضل التفكير في طفولتك والظروف التي مررت بها. ربما يساعدك تذكر طفولتك على التعاطف مع طفلك أكثر.

إن تركيز المراهقين على الذات أمر مؤقت.

لإدارة الموقف المتمحور حول الذات لدى المراهقين بشكل أفضل ، يجب أن تضع في اعتبارك أن هذا الموقف مؤقت وغير دائم. فعلى الرغم من أن هذه المرحلة قد تبدو وكأنها فترة طويلة، الا أنها مرحلة مؤقتة وضرورية في نمو الطفل المراهق. وبالتالي فان فترة المراهقة هذه سوف تمر أيضًا مثل أي فترة تطور قبلها. سيخرج طفلك بشكل أقوى وأكثر صحة منها، بشرط أن يكون كل منكما قادراً على التعامل مع الموقف بشكل جيد.

قدم أفكارًا جديدة.

عندما يتعرض الأطفال للعديد من الأفكار ووجهات النظر العالمية، يمكنهم توسيع آفاقهم، وبالتالي تعريفهم بمجموعة متنوعة من الموسيقى والأفكار الثقافية والتجارب الجديدة. على الرغم من أن هذه الخطوات لا تقضي على الفور على وجود النرجسية، إلا أنها يمكن أن تساعد المراهقين على فهم أنهم ليسوا وحدهم في العالم ويتواصلون بشكل أفضل مع الآخرين.

يحتاج الأطفال إلى حب ودعم غير مشروط من والديهم. على الرغم من أنك قد لا تتفق مع سلوك ابنك المراهق وكلماته، إلا أنه يحتاج إلى حبك ودعمك الدائمين. لذلك من الأفضل معاملتهم بلطف ودعمهم.

من ناحية أخرى ، قد يكون التحدث إلى الآباء الآخرين الذين لديهم هذه المشكلة مع أبنائهم المراهقين مفيدًا إلى حد ما. فقد يساعدك ذلك على تخفيف الشعور بالوحدة.

الأبوة والأمومة هي تجربة صعبة في هذه المرحلة

يشعر بعض الآباء بالقلق من أنهم قد لا يحسنون تربية ابنائهم مثل الآباء الآخرين، كما يجد بعض الآباء أيضا صعوبة في إدارة المشاعر التي تنشأ نتيجة لسلوك أطفالهم.

على أي حال ، لا يتعين عليك مواجهة تحديات الأبوة والأمومة وحدك. فقد يساعدك العلاج الفردي أو الجماعي أو الأسري على تعلم طرق لإدارة هذه التحديات وتحديد مشاكل المراهقين وفهمها بشكل أفضل.

لكن ليس عليك أن تتحمل كل هذه الظروف وحدك. يمكنك الحصول على مساعدة من الاستشارة عبر الإنترنت مع طبيب نفساني أو معالج.

وقد يسهل العلاج عبر الإنترنت عليك وعلى طفلك التواصل مع معالجك على مستوى مفيد ، حيث أظهرت إحدى الدراسات أن العلاج عبر الإنترنت يمكن أن يكون أكثر فعالية من العلاج وجهاً لوجه في حل مشاكل المراهقين. أفاد 96٪ من الأشخاص الذين يستخدمون العلاج عبر الإنترنت أن لديهم تواصلًا فعالاً مع المعالجين عبر الإنترنت ، في حين أن 91٪ من الأشخاص الذين يذهبون إلى الاستشارة وجهًا لوجه راضون عن طريقة علاجهم رضا جزئيا أحيانا.

الخلاصة

يمكن أن يكون التحكم في أنانية المراهقين تحديًا كبيرا للآباء. لكن من المهم أن تعرف أن هذه المرحلة طبيعية ومن المرجح أن تكون مؤقتة وتمر مثل جميع فترات النمو. إذا وجدت صعوبة في إدارة سلوك طفلك ، يمكنك استشارة طبيب نفساني متخصص في تنمية المراهقين للحصول على المساعدة.

المراجع

• https://www.betterhelp.com/advice/adolescence/what-is-adolescent-egocentrism-and-how-can-i-deal-with-it-as-a-parent/