كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في الصحة النفسية ؟

الذكاء الاصطناعي

يشير مفهوم الذكاء الاصطناعي (AI)، الذي يُعرف أحيانًا باسم ذكاء الآلة، إلى قدرة أجهزة الكمبيوتر على أداء الأعمال المعرفية  الشبيهة بالإنسان بما في ذلك التعلم وحل المشكلات والإدراك واتخاذ القرار والكلام واللغة.

تتطور أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل رهيب، حيث تمكنت احدى أنظمة الذكاء الاصطناعي المبكرة من هزيمة بطل العالم في الشطرنج، ورسم خرائط للشوارع، وتأليف الموسيقى أيضا.

كما تم تطوير الذكاء الاصطناعي وتوسيعه ليشمل تطبيقات أكثر تعقيدًا، مثل السيارات ذاتية القيادة، وتحسين كشف الاحتيال والكذب، و "المساعدين الشخصيين" مثل (Siri و Alexa). وذلك بفضل الخوارزميات المتقدمة، وحجم البيانات، وطاقة الكمبيوتر والتخزين.

يستخدم الباحثون الذكاء الاصطناعي اليوم لتحسين التنبؤات والتشخيصات وعلاج الأمراض النفسية والعقلية أيضا. كما يعمل التقاطع بين التعلم الآلي والطب النفسي الحسابي على إنشاء رعاية صحية نفسية وعقلية أكثر دقة وانسانية بسرعة متزايدة.

الذكاء الاصطناعي الآن وفي المستقبل

يعتبر الذكاء الاصطناعي اليوم ذكاءً اصطناعيًا ضعيفًا لأنه مصمم بشكل عام لأداء مهمة واحدة أو مهمتين محددتين وذلك بمساعدة الانسان، وغالبًا ما يتفوق في المهام المحددة على الانسان. 

لكن لا يزال الذكاء الاصطناعي اليوم ضعيف الى حد ما، لكن يعتبر مستقبل الذكاء الاصطناعي المثير للجدل وذلك بسبب أبحاث الذكاء الاصطناعي المتقدمة، والرغبة المستمرة في تطويره، خاصة مع تمكن الذكاء الاصطناعي من أداء العديد من المهام المعرفية أو جميعها بشكل أفضل من البشر. 

لذلك تُعد أبحاث مدى أمان الذكاء الاصطناعي على الانسان من أولويات بعض العلماء القلقين بشأن المخاطر المحتملة إذا ما وقعت هذه التكنولوجيا المتقدمة في الأيدي الخطأ، الى جانب أن بعض العلماء يتحفظون عن إمكانية تحقيق ذكاء اصطناعي أقوى من الانسان أصلا.

كيف يتم دمج الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية؟

للذكاء الاصطناعي استعمالات عديدة في الحياة اليومية، وذلك على مستوى امتلاك مجموعة من الأجهزة التي تتضمن الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، تقوم أجهزة إدارة المنزل المركزية، وأجهزة ضبط الحرارة. 

الى جانب أجهزة التحفيز على ممارسة الرياضة، وأجهزة الطبخ الآلي والأدوات القابلة للارتداء التي تحفز على التفكير. كما يعتبر اكمال الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية للكلمات والجمل بينما يكتب الأشخاص الرسائل النصية أحد مظاهر الذكاء الآلي أيضا. إضافة الى المركبات ذاتية القيادة المستخدمة بالفعل في الشوارع في مجموعة من الدول.

كيف يتم دمج الذكاء الاصطناعي في القوى العاملة؟

لقد استحوذت الآلات بالفعل على وظائف الملايين من الناس، وذلك من خلال مراقبة الإجراءات التي لم يكن من الممكن تتبعها في السابق، أو حساب البيانات بطرق جديدة، أو توجيه عملية صنع القرار، أو تولي المهام وتحليل البيانات بسرعة. 

على سبيل المثال، تقوم الطائرات بدون طيار بتصوير ومراقبة بعض مواقع البناء بحثًا عن المشاكل. كما يتعامل بعض ضباط المراقبة مع قضاياهم وفقًا لتعليمات برنامج الكمبيوتر، الذي يقرر مقدار الخطر الذي يمثله كل شخص. كما يمكن للخوارزميات أن تكتب التقارير المفصلة عن بعض المنشورات.

كيف يرى البشر الخوارزميات؟

تظهر الأبحاث أن الناس يميلون إلى عدم الثقة في الخوارزميات، ويميلون إلى تفضيل أحكامهم الخاصة وحتى أحكام الآخرين على الخوارزميات. 

سُمي هذا الارتياب العام باسم "نفور الخوارزمية". ومن تفسيرات ذلك هو أن البشر يحبون الشعور بالسيطرة ولا يريدون التنازل عن السيطرة للتكنولوجيا. كما يحاكم الناس أيضًا الذكاء الاصطناعي وفقًا لمعايير أعلى؛ حيث يمكنهم التسامح مع الأخطاء البشرية ولكن لا يتجاوزون أخطاء الخوارزميات.

لذلك يجب أن تكون الخوارزميات مثالية بشكل أساسي حتى يتمكن الناس من الوثوق بها واحتضانها في حياتهم اليومية.

ما هي التحديات التي تظهر في التفاعلات بين الإنسان والآلة؟

لا يمكن أن تحل الآلات محل الانسان بشكل كامل، لكنها تحل محل توقعات الناس حول ما يمكنهم وما ينبغي عليهم التحكم فيه. 

تنشئ الآلات أنواعًا جديدة من العلاقات، حيث يجد الناس أنفسهم يتعاملون بشكل وثيق مع تطبيقات أندرويد يشعرون بأنها تحمل خصائص إنسانية دون أن تكون كذلك.

كيف ينظر الناس إلى الروبوتات الجنسية؟

لا تعتبر الروبوتات الجنسية الموجودة اليوم متقدمة بالشكل الكافي، لكنها بلا شك تستمر في التطور. لذلك من المهم استكشاف التصورات والأسئلة الأخلاقية التي يطرحها الناس حول الروبوتات الجنسية، ولذلك يتوقع الناس من الروبوتات الجنسية مجموعة من العواقب الإيجابية والسلبية. 

تشمل الإيجابيات والفوائد للروبوتات الجنسية الرفقة الجنسية والعاطفية للأشخاص الذين ليس لديهم شريك جنسي بشري، كما تمكن الانسان من الإفراج الجنسي، وتزيد من فرصة اكتساب الخبرة الجنسية. وقد تشمل الجوانب السلبية تفاقم تجسيد النساء، وتشجيع الأشخاص على عدم الزواج، كما تشجع الأشخاص الذين لا يجدون أنفسهم مع أزواجهم على الانفصال وتقليل التعاطف البشري .

الذكاء الاصطناعي والصحة النفسية

يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على إعادة تشكيل الطب النفسي حيث يعمل العديد من العلماء على تطوير ذلك وتحسينه باستمرار. لذلك يمكن أن يسمح تجميع مجموعات البيانات الضخمة للعلماء بتحديد العوامل التي تجعل الناس أكثر عرضة للإصابة بالأمراض النفسية والعقلية، وتحسين دقة التشخيص، وتقييم العلاجات الفعالة.

كما يستخدم مجال الطب النفسي الحسابي أيضا الأدوات الرياضية والحسابية من الذكاء الاصطناعي لتحسين فهم الاضطرابات النفسية وتشخيصها وعلاجها.

ما هي المعلومات التي يمكن أن يوفرها الذكاء الاصطناعي بشأن الصحة النفسية؟

يمتلك الطب النفسي الحسابي القدرة على اكتساب نظرة ثاقبة لأي حالة من خلال مجموعة بيانات كبيرة بما يكفي. كما يمكن أن يحدد التعلم الآلي الجينات التي تساهم في تطور التوحد أو العوامل التي تجعل المراهقين عرضة للإفراط في الشرب مثل حجم الدماغ أو طلاق الوالدين . 

كما يمكن أن تكشف هذه البرامج عن الأنظمة التي تتأثر بالدوبامين لدى مرضى باركنسون ، أو خطر إصابة الشخص بالاكتئاب بناءً على عوامل مثل الجنس وصدمة الطفولة .

هل يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تشخيص الاضطراب ثنائي القطب؟

يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على الاستفادة من مجموعات البيانات الكبيرة لتحسين التشخيص وتقليل أخطاء التشخيص. على سبيل المثال ، قد يكون من الصعب التمييز بين نوبات الاكتئاب في الاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب الأساسي؛ لأن الكثير من المرضى المصابين بالاضطراب ثنائي القطب يتم تشخيصهم بشكل خاطئ باضطراب الاكتئاب الشديد. 

كما تمكنت خوارزمية التعلم الآلي التي استخدمت التقارير الذاتية وعينات الدم مؤخرًا من تحديد مرضى الاضطراب ثنائي القطب في سيناريوهات مختلفة، مما قد يوفر مكملاً مفيدًا للأطباء في المستقبل.

هل يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تشخيص التوحد؟

لا توجد حاليًا اختبارات طبية معينة لتشخيص مرض التوحد بشكل نهائي، ولكن أظهرت دراسة حديثة أن خوارزمية التعلم الآلي يمكن أن تحدد الخصائص الفيزيولوجية لدى الأطفال المصابين بالتوحد والتي تميزهم علن الأطفال العاديين والتي يمكن أن تتنبأ أيضا بالحالة المعرضة للخطر. 

فمع استمرار تطور هذه التكنولوجيا، يمكن أن تساعد في تشخيص التوحد بناءً على المؤشرات الحيوية.

هل يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تشخيص مرض انفصام الشخصية؟

وجدت دراسة حديثة أن خوارزمية التعلم الآلي صنفت حالات الفصام بناءً على صور الدماغ بدقة 87 بالمائة. كما يمكن أن توفر مهارات التعرف على الأنماط والقدرات التنبؤية للذكاء الاصطناعي أداة قيمة للأطباء في تشخيص الفصام.

هل يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في علاج الأمراض النفسية؟

من المحتمل ترجمة الاكتشافات الرائعة للذكاء الاصطناعي إلى تطبيقات يمكن أن تساعد الناس في إدارة حياتهم. حيث يمكن أن يتضمن ذلك تحديد عوامل الخطر التنبؤية للحالات النفسية: مثل تحديد "هل هناك مناطق دماغية معينة تجعل الناس أكثر عرضة للانتحار ؟ متى يمكن للشخص أن يصاب بالاكتئاب؟ هل بعض الأدوية فعالة لبعض مرضى الفصام دون البعض الآخر؟". حيث يمكن للأطباء بعد ذلك تقييم مخاطر المريض وتقديم رعاية صحية نفسية استباقية وشخصية.

هل يمكن للذكاء الاصطناعي تسريع اكتشاف الأدوية؟

يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل مجموعات البيانات الضخمة للعلاقات التي يصعب تحديدها بين الأدوية والأمراض والعمليات البيولوجية لتحديد العلاجات المحتملة. على سبيل المثال، تمكن التعلم الآلي مؤخرًا من توقع أي دواء من بين 20000 دواء تمت الموافقة عليه من قِبل إدارة الأغذية والعقاقير لديه الاحتمال الأكبر للمساعدة في  علاج مرض الزهايمر.

أخلاقيات الذكاء الاصطناعي

أدى تطور الذكاء الاصطناعي إلى مجموعة من الأسئلة الأخلاقية لا حصر لها. من قبيل هل يديم التعلم الآلي التحيز وعدم المساواة؟ هل ينتهك الذكاء الاصطناعي خصوصية الإنسان وحرياته؟ هل سيفقد البشر وظائفهم بسبب الروبوتات؟ هل ستصبح الآلات أكثر ذكاءً من البشر؟.

للناس الحق الكامل في التشكيك في طبيعة الآلات التي يمكن أن تتطور من تلقاء نفسها.  لذلك نأمل أن يتمكن البشر من تطوير أنظمة أخلاقية للذكاء الاصطناعي تتجاوز المخاوف المرتقبة منه.

لماذا يشكل قطاع التكنولوجيا تحديات أخلاقية فريدة؟

يتفاعل الناس مع التكنولوجيا على نطاق غير مسبوق وفي العديد من البيئات المختلفة، مثل العمل، وفي السوبر ماركت، في السيارة، وفي المنزل. 

لذلك يتحمل ناشرو التكنولوجيا بعض المسؤولية في الحفاظ على سلامة الناس من الناحية الأخلاقية لأن الذكاء الاصطناعي يفرض تحديات أخلاقية واسعة. سواء كان الأمر يتعلق بالتحيز أو تسليع الحياة الاجتماعية أو نشر اللاأخلاقية أو غيرها من القضايا التي تسيء للإنسان. لذلك يجب توجيه التكنولوجيا ومراقبتها لخدمة الأخلاق الإنسانية.

ما هي المخاوف الأخلاقية التي يغفل عنها الناس بشأن الذكاء الاصطناعي؟

أحد المخاوف الأخلاقية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي هو التأثير القوي والخفي للتكنولوجيا على خيارات الناس واتخاذهم للقرار. لأن الشركات قادرة على استخدام جميع المعلومات التي تخزنها عن الأشخاص لصالحها، وبالتالي توجيه الناس نحو القرارات التي تكون في الغالب في مصلحة الشركة.  الى جانب القلق الناشئ من التقنيات التي تدعي أنها قادرة على قراءة وتفسير المشاعر البشرية. 

بالتالي فإن فكرة الخداع الذي تمارسه المنتجات الرقمية على الأطفال أو الأشخاص البالغين الضعفاء بدعوى أن التكنولوجيا قادرة على فهم مشاعر الناس من أكثر الاستعمالات غير الأخلاقية للتكنولوجيا.

كيف يمكن بناء ذكاء اصطناعي أخلاقي؟

يتطلب هذا الهدف نهجًا أخلاقيًا لبناء أنظمة الذكاء الاصطناعي وخطة لجعل أنظمة الذكاء الاصطناعي نفسها أخلاقية. على سبيل المثال، يجب على مطوري السيارات ذاتية القيادة التفكير في عواقبها الاجتماعية، بما في ذلك ضمان أن السيارات نفسها قادرة على اتخاذ قرارات أخلاقية. 

كما يتضمن بناء الذكاء الاصطناعي الأخلاقي معالجة الأسئلة الأخلاقية (مثل كيفية منع البطالة الجماعية) والمخاوف الأخلاقية (مثل توضيح القيم الأخلاقية) ثم تطوير خطة تهدف إلى تلبية الاحتياجات البشرية.