ما هو اضطراب الشخصية الاعتمادية؟

ما هو اضطراب الشخصية الاعتمادية، أو الشخصية التبعية، تعرف على أعراض وأسباب وطرق علاج اضطراب الشخصية الاعتمادية، وطرق التشخيص والمعاملة.

ما هو اضطراب الشخصية الاعتمادية؟
ما هو اضكراب الشخصية التبعية وما هي أعراضه.

ما هو اضطراب الشخصية الاعتمادية؟

اضطراب الشخصية الاعتمادية أو المعتمدة هو اضطراب في الشخصية من المجموعة سي . وهي حالة صحية نفسية يمكن أن تجعل الشخص يعتمد بشكل مفرط على أشخاص آخرين في احتياجاته الجسدية والعاطفية.

غالبًا ما يواجه الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الاعتمادية صعوبة في اتخاذ القرارات بأنفسهم ويشعرون بالعجز عندما يكونون بمفردهم لأنهم يشعرون بأنهم غير قادرين على رعاية أنفسهم. حيث يميل الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب إلى الارتباط بشخص معين في كل شيء بما في ذلك اتخاذ القرارات والاعتناء بهم، بدلا من الاعتماد على النفس والشعور بالاستقلالية.

لاحظت جمعية الطب النفسي الأمريكية أن هذه الحالة تتميز بنمط من السلوك المحتاج والمتشبث والخاضع، بدلاً من السلوكيات المستقلة أو الاكتفاء الذاتي.

لذلك قمنا في هذه المقالة بتحليل أعراض اضطراب الشخصية الاعتمادية وأسبابه وتشخيصه، بالإضافة إلى بعض خيارات العلاج واستراتيجيات التأقلم التي قد تكون مفيدة في التقليل من الاعتمادية في هذا الاضطراب.

أعراض اضطراب الشخصية الاعتمادية

من أبرز أعراض اضطراب الشخصية التبعية أو الاعتمادية، وفقًا لأخصائي علم النفس السريري لإيمي داراموس، ما يلي:

  • الشعور بعدم الارتياح عندما يكون الشخص بمفرده
  • الخوف الشديد من التخلي عنه
  • الشعور بعدم القدرة على تحمل المسؤولية
  • الحاجة إلى الكثير من النصائح والدعم العاطفي
  • مواجهة صعوبة في اتخاذ قرارات عادية بشكل مستقل، مثل القرارات المتعلقة بالأكل والملبس
  • الاتكالية والشعور بالراحة عندما يتولى شخص آخر المسؤولية ويتخذ القرارات بدلا منه
  • الحساسية المفرطة تجاه انتقادات أو رفض الآخرين
  • عدم القدرة على الاختلاف مع أي شخص خوفًا من فقدان موافقته
  • الشعور بالعجز واليأس عندما تنتهي العلاقات
  • عدم الرغبة في تجربة أي شيء جديد أو صعب
  • عدم الثقة بالنفس والنظرة المتشائمة

عادة ما تبدأ أعراض اضطراب الشخصية الاعتمادية في مرحلة الطفولة أو البلوغ المبكر، وغالبًا قبل سن الثلاثين.

أسباب اضطراب الشخصية الاعتمادية

الأسباب الدقيقة لاضطراب الشخصية الاعتمادية غير معروفة. لكن يمكن أن تساهم بعض العوامل في زيادة خطر الإصابة بهذا الاضطراب، من أبرز هذه العوامل:

  • العلاقات المؤذية: الأشخاص الذين تعرضوا في الماضي لعلاقات مسيئة أكثر عرضة للإصابة باضطراب الشخصية الاعتمادية. حيث تشير دراسة أجريت عام 2017 إلى أن الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة قد يكونون أكثر عرضة للعلاقات غير الصحية التي تنطوي على الإساءة الجسدية والخيانة الزوجية.
  • تجارب الطفولة: يمكن أن تساهم تجارب الطفولة القاسية مثل الإصابة بمرض صعب في مرحلة الطفولة، أو التعرض للإهمال في الطفولة، أو التعرض لإساءة المعاملة في الطفولة - سواء كانت جسدية أو جنسية أو عاطفية - في خطر الإصابة باضطراب الشخصية الاعتمادية. 
  • العوامل الوراثية: يمكن أن تلعب العوامل الوراثية دورًا كبيرا في تطور هذه الحالة. حيث يمكن أن يؤدي وجود هذا الاضطراب في الأسرة، أي اصابة أحد أفراد الأسرة باضطراب الشخصية الاعتمادية أو اضطراب القلق الآخر إلى زيادة فرص إصابتك بهذه الحالة. يقول الدكتور داراموس إن السمات الشخصية التي تميز هذه الحالة، مثل القبول والتسامح المنخفض للمخاطر غالبًا ما تكون وراثية.
  • الممارسات الثقافية: تؤكد بعض الممارسات الاجتماعية والدينية والثقافية على التبعية والاعتماد على السلطة. لكن من المهم ملاحظة أن هذه العوامل وحدها ليست أعراضا أساسية لاضطراب الشخصية الاعتمادية.

تشخيص اضطراب الشخصية الاعتمادية

يمكن تشخيص اضطراب الشخصية الاعتمادية من قبل مقدم الرعاية الصحية النفسية والعقلية بناءً على التقييم النفسي. فإذا كنت تشك في أنك أو أحد أفراد أسرتك قد تكون مصابًا بهذه الحالة، فعليك تحديد موعد مع مقدم الرعاية الصحية النفسية والعقلية أو اطلب من طبيب الرعاية الأولية إحالتك الى أخصائي نفساني.

وفقا للدكتور داراموس، تشمل عملية التشخيص ما يلي:

  • التاريخ الطبي: سيطرح عليك مقدم الرعاية الصحية أسئلة حول تاريخك الطبي الشخصي والعائلي. ومن المحتمل أن تغطي هذه الأسئلة أيضا أي دواء تتناوله، وأي حالات صحية تعاني منها حاليًا أو كنت تعاني منها في الماضي، وأي حالات مر بها أفراد عائلتك.
  • اختبارات الشخصية: هناك العديد من اختبارات الشخصية التي تم التحقق من صحتها من خلال الأبحاث التي يمكن أن تكون مفيدة جدًا في تحديد اضطراب الشخصية، والتي يتم استخدامها أيضا لتشخيص هذا الاضطراب.
  • المقابلة السريرية: يقوم مقدم الرعاية الصحية الخاص بك بإجراء مقابلة سريرية مفصلة من المحتمل أن تغطي مدة وشدة الأعراض الخاصة بك. كما يحاول أيضًا فهم أفكارك ومشاعرك ودوافعك. لأنه في اضطرابات الشخصية مثل اضطرابات الشخصية التبعية لا يهم السلوك فقط بل الدافع أيضا مهمة، حيث يحتاج الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية التبعية، واضطراب الشخصية الحدية، واضطراب الشخصية النرجسية إلى الكثير من التحليل والتحقق من الصحة، ولكن لأسباب مختلفة تمامًا.
  • اختبارات أخرى: قد يحتاج مقدم الرعاية الصحية الخاص بك إلى إجراء فحص جسدي أو اختبارات جسدية أو نفسية أخرى، لاستبعاد الحالات الصحية الأخرى التي قد تسبب نفس الأعراض.
  • التقييم: بناءً على هذه العوامل، يقوم مقدم الرعاية الصحية الخاص بك بتقييم ما إذا كانت أعراضك تفي بمعايير اضطراب الشخصية الاعتمادية المدرجة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM) ، وهو دليل إرشادي لأخصائي الرعاية الصحية. 

كما يعتبر تعاطي المواد المخدرة، والاكتئاب، والأفكار الانتحارية، أو إساءة الاستخدام من المضاعفات المصاحبة لاضطراب الشخصية الاعتمادية. لذلك من المهم جدا لمقدمي الرعاية الصحية تحديد هذه الحالات ومعالجتها بالتوازي مع الاضطراب.

علاج اضطراب الشخصية الاعتمادية

يلخص الدكتور داراموس بعض خيارات العلاج المتاحة لاضطراب الشخصية الاعتمادية كما هو موضح أدناة:

  • العلاج الفردي: حيث يمكن أن تكون خيارات العلاج النفسي مثل العلاج الديناميكي النفسي ، أو العلاج السلوكي الجدلي  (DBT) ، أو العلاج السلوكي المعرفي (CBT) فعالة جدا في الحد من هذا الاضطراب. كما يمكن لهذه العلاجات أيضا مساعدة الشخص على استبدال أنماط التفكير الإشكالية بأخرى صحية وتشجيعه على أن يكون أكثر استقلالية واعتمادًا على الذات.
  • العلاج الجماعي: يمكن أن تكون المشاركة في العلاج الجماعي مفيدة أيضًا، حيث تصبح أنماط الأشخاص أكثر وضوحًا في إطار المجموعة، مما يسهل التعرف عليهم والعمل عليهم. كما يمكن لأي شخص في المجموعة الاستفادة من الخبرات والمناقشات والتعلمات المشتركة مع الآخرين.
  • الأدوية: قد يصف لك مقدم الرعاية الصحية بعض الأدوية مثل مضادات الاكتئاب أو الأدوية المضادة للقلق ، وذلك إذا تم تشخيصك أيضًا بالاكتئاب أو القلق.

لا يهدف علاج اضطرابات الشخصية إلى تحويل أي شخص إلى شخص مختلف تمامًا، بل يهدف إلى مساعدته على أن يصبح نسخة أكثر صحة واعتدالًا وأقل تطرفًا من طبيعته.

التعامل مع اضطراب الشخصية الاعتمادية

إذا كنت تعاني من اضطراب الشخصية الاعتمادية، فإليك بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعدك في التأقلم مع هذا الاضطراب:

  • ابدأ في فعل الأشياء بمفردك: من المفيد أن تتحدى نفسك ببطء للقيام بالأشياء بمفردك، بدءًا من التحديات الأسهل والانتقال إلى التحديات الصعبة. على سبيل المثال، يمكنك البدء بالذهاب لشراء البقالة بمفردك والعمل على تناول وجبة في مطعم بمفردك.
  • احصل على بعض النشاط البدني: من المفيد جدا أن تبدأ في ممارسة الرياضة وتدفع نفسك للقيام بالمزيد كل يوم.  وذلك لأن تجاوز الحدود الجسدية والنفسية يمكن أن يساعدك على الشعور بأنك أقوى وأكثر قدرة.
  • حاول أن تصبح مستقلاً في قضاء احتياجاتك: افحص علاقاتك مع أحبائك وحدد الطرق التي تعتمد فيها على الآخرين. ثم ابدأ في تعلم الاستقلالية دون دعمهم، وذلك بالتدريج خطوة بخطوة. وحاول أيضا تولي مهمة واحدة يقوم بها شخص آخر من أجلك كل أسبوع أو كل شهر.
  • تعلم أن تثق بنفسك: ابدأ في الاستماع إلى أفكارك ومشاعرك وغرائزك.  وفكر في قراراتك وانتبه لما تشعر به قبل أن تسعى للحصول على آراء الآخرين أثناء اتخاذ القرار. ثق في حدسك وثق في قدرتك على التعامل مع النتيجة، بغض النظر عن ماهيتها.
  • افحص حاجتك للموافقة الآخرين في فعل أي شيء: تذكر أن الإعجاب بالموافقة والاستمتاع بها يختلف كثيرًا عن الحاجة إلى موافقة الآخرين في كل شيء.

خلاصة

يمكن أن يتسبب اضطراب الشخصية الاعتمادية في الشعور بالقلق بسبب خوف الشخص التبعي من البقاء بمفرده أو اتخاذ القرارات بمفرده أو تحمل المسؤولية .لذلك فهو اضطراب يؤثر على النمو السليم للشخص وصحته النفسية والعقلية. لكن المعاناة من هذا الاضطراب لا يعني أنها حتمية ولا يمكن الحد منها، حيث يمكن أن يساعدك العلاج على تطوير المزيد من الثقة في النفس، وهذا بدوره يمكن أن يساعدك على أن تصبح أكثر استقلالية واكتفاء ذاتيًا.

المصادر