ما هو التبني وما هي آثاره النفسية ؟

ما هو التبني وما هي آثاره النفسية، تعرف على الاثار النفسية للتبني وأهميته وكيف يشعر الأطفال الذين تم تبنيهم والوالدان تجاه التبني.

ما هو التبني وما هي آثاره النفسية ؟
ما هو التبني وما هي تبعاته النفسية على الطفل والوالدان

ما هو التبني؟

التبني هو عملية يتولى من خلالها شخص بالغ بشكل قانوني ودائم المسؤولية الأبوية لطفل معين، وفي الوقت نفسه، يتم إنهاء حقوق ومسؤوليات الوالد (الوالدين) البيولوجيين أو الوصي (الأوصياء) القانونيين على الطفل. وفي حالات نادرة، قد يتم تبنى شخص بالغ أيضا.

ما هي الأهمية النفسية للتبني؟

التبني هو عملية منتشرة في العائلات منذ عدة قرون، وليست وليدة العهد. بدأ علماء النفس في السنوات الأخيرة في دراسة كيفية تعامل الأطفال المتبنين مع أسرهم بالتبني في حياتهم. 

وذلك في محاولة لمساعدة الأطفال الذين تم تبنيهم على التكيف والازدهار في المنزل والأسرة الجديدة، كما تبحث الدراسات النفسية أيضا في التأثيرات البيئية الجينية وكذلك التأثيرات البيئية قبل الولادة وبعدها على نمو الأطفال الذين تم تبنيهم لفعم سبب ظهور بعض المشاكل لدى هذا النوع من الأسر.

كما اهتم المتخصصين في الصحة النفسية والعقلية والباحثين أيضا بتجربة ما بعد التبني وعقلية الآباء الجدد وتكييف الأخوة )الذين على الرغم من أنهم قد يكونون متحمسين للإضافة طفل جديد إلى الأسرة( مع بعضهم، الا أنه غالبًا ما يواجهون تحديات عاطفية غير متوقعة.

ما مدى انتشار التبني؟

تشير الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية في أمريكا على سبيل المثال، إلى أنه تم تبني ما يقرب من 3000 طفل من دول أخرى في عام 2019. وتشير البيانات الواردة من مكتب الأطفال إلى أنه تم تبني 66000 طفل خارج دور الحضانة في عام 2019. وأشار المجلس الوطني للتبني إلى أنه تم تبني 18239 طفلاً في 2014، وهو آخر عام توفرت فيه البيانات.

كيف يشعر الأطفال الذين تم تبنيهم تجاه التبني؟

غالبًا ما يواجه المتبنون مجموعة واسعة من المشاعر المتعلقة بتبنيهم. حيث يبلغ الكثيرون عن احساسهم بوجود علاقة وثيقة مع أسرهم بالتبني ويشعرون دائمًا بالانتماء الى هذه الأسر؛ كما يقول البعض أنهم يشعرون أيضا بالامتنان تجاه والديهم بالتبني على الحياة التي وفروها لهم. 

ومن ناحية أخرى، يتشارك العديد من الأطفال والبالغين الذين تم تبنيهم في التحديات المتعلقة بتشكيل الهوية أو الشعور بالتخلي عنهم من قبل والديهم الحقيقين ووضعهم للتبني. كما قد يشعرون كما لو أنهم لا يتناسبون مع أسرهم بالتبني وقد يتساءلون أيضا عن كيف ستكون حياتهم لو لم يتم تبنيهم.

وبالمثل ، يرغب العديد من الأشخاص الذين تم تبنيهم الذين نشأوا في عمليات التبني المغلقة في العثور على أسرهم الأصلية والالتقاء بها؛ ومع ذلك، يجد الآخرون أنه ليس لديهم مصلحة في القيام بذلك وهم راضون عن العلاقات الأسرية التي تربطهم بأسرهم الجديدة. 

كما أنه لدى بعض المتبنين آراء سلبية للغاية بشأن التبني، وغالبًا ما تتكون هذه الآراء نتيجة الصدمة أو التجارب السلبية الأخرى؛ حيث يدافع عدد صغير من المتبنين البالغين ضد هذه الممارسة تمامًا.

ما هي الآثار النفسية للتبني؟

التبني هو عملية معقد جدا، حيث يختلف الأطفال الذين تم تبنيهم بشكل كبير في استجابتهم النفسية تجاه التبني. حيث يتعامل معظمهم في الغالب مع مشاعر الخسارة أو أسئلة تكوين الهوية والانتماء، بينما يتعامل البعض الآخر مع التجارب المؤلمة.

ونتيجة لذلك، يعاني بعض المتبنين من اضطرابات نفسية أو تحديات سلوكية أو شعور "بعدم الانتماء" وذلك يمكن أن يؤثر سلبًا على حالتهم النفسية والعقلية. كما يمكن أن تساهم الأساطير الثقافية التي يكونها المجتمع حول التبني، مثل تلك التي تقول بأنه يجب على الأطفال الذين تم تبنيهم أن يشعروا بالامتنان "لأنهم" نجوا من التشرد "، أو أن الآباء بالتبني لا يمكنهم حب الأطفال الذين تم تبنيهم بقدر حبهم لأطفالهم" الحقيقيين "، في الآثار العاطفية والنفسية السلبية.

لكن على الرغم من كل هذه العقبات، إلا أن العديد من المتبنين يكبرون سعداء ويتمتعون بالتكيف الجيد. بل وأكثر من ذلك قد يكون الأطفال المتبنين الذين لديهم علاقات وثيقة وصادقة مع والديهم بالتبني وآبائهم الحقيقيين، أكثر عرضة للشعور بالأمان في هوياتهم وأكثر قدرة على التغلب على تحديات التبني.

ما هي متلازمة الطفل المتبنى؟

"متلازمة الطفل المتبنى" هو مصطلح مثير للجدل تمت مناقشته على نطاق واسع، يستخدم هذا المفهوم لوصف التحديات العاطفية والسلوكية التي قد يواجهها الأطفال المتبنين. حيث تشمل "المتلازمة" مشكلات الترابط والتعلق بالإضافة إلى السلوكيات الإشكالية مثل التحدي أو العنف.

كما أنه لم يتم تضمينه في أحدث إصدار من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية ولا يعتبر حاليًا تشخيصًا تم التحقق من صحته.

هل التبني مرفوض اجتماعيا؟

التبني موضوع معقد يخضع لسوء الفهم والأساطير ووصمة العار الاجتماعية في الكثير من المجتمعات. فالروايات التي تفيد بأن الآباء بالتبني "أنقذوا" الأطفال المتبنين يمكن أن تكون مؤذية للمتبنين والأسر الوالدة على السواء؛ من ناحية أخرى، فإن المعتقدات السائدة بأن الأسر بالتبني ليست "حقيقية" أو أن المتبنين ليسوا محبوبين مثل الأطفال المولودين يمكن أن يؤذي بالمثل الوالدين والأطفال معا.

لذلك قد يواجه كل من الوالدين بالتبني والمتبنين ادعاءات كاذبة حول التبني بانتظام؛ بالتالي فالأمر يعود اليهم في النهاية فيما إذا كانوا يريدون تجاهل هذه الادعاءات أت التعامل معها.

هل التبني جيد أم سيء للأطفال؟

التبني ليس عملية واحدة تناسب الجميع، والروايات التي تحاول تصوير التبني على أنه جيد أو سيئ من المحتمل أنها تفتقد الى بعض الفروق الدقيقة الحاسمة ومجموعة واسعة من التجارب الممكنة. فقد أفاد بعض المتبنين أنهم شعروا بالدعم والرعاية من قبل أسرهم بالتبني؛ بينما شعر الآخرون بأنهم غير مرغوب فيهم أو يعانون من مشاعر الهجر أو الحزن أو الذنب .

كما أن هناك حالات للأسف تعرض فيها الأطفال الذين تم تبنيهم لسوء المعاملة أو الصدمة بعد تبنيهم، وهو أمر طبيعي يحدث حتى للأطفال البيولوجيين أيضا.

فطالما نوقش التبني بمصطلحات الأبيض والأسود، حيث أن الأطفال الذين يعانون تم تصويرهم على أنهم إما "تم إنقاذهم" أو "مصدومين"، مع وجود مساحة صغيرة بينهما. 

في الآونة الأخيرة ، أشارت المناقشات الأكثر دقة التي تتضمن قصص المتبنين البالغين في الآونة الأخيرة إلى أنها ليست جيدة كليا ولا سيئة كليا؛ وبدلاً من ذلك، تعتمد النتيجة على مجموعة متنوعة من العوامل بما في ذلك سلوك الوالدين، والتركيب الجيني للطفل والتاريخ الشخصي، والسمات الشخصية لكلا الطرفين، والبيئة التي ينمو فيها الطفل.

ما هو شعور الوالدين تجاه عرض أطفالهم للتبني؟

يمكن أن يكون وضع الطفل للتبني عملية معقدة عاطفياً. حيث أن بعض الآباء والأمهات يقولون أنهم يشعرون بالثقة في قرارهم ويسعدون برؤية طفلهم يكبر مع أسرته بالتبني، بينما يعاني البعض الآخر من الشعور بالذنب أو الحزن أو الندم. 

فكل هذه الاستجابات العاطفية صحيحة، ويجب ألا يتردد الوالدان في طلب الدعم إذا لزم الأمر. لذلك قبل اتخاذ قرار وضع الطفل للتبني، يجب على الآباء والأمهات أن يسعوا جاهدين للتعلم قدر المستطاع عن هذه العملية، والنظر في احتمالاتها، وقراءة أو سماع وجهات نظر الوالدين الآخرين للتعرف على ما يمكن أن يحدث بعد التبني.

كيف ترتبط الحضانة والتبني ببعضهما البعض؟

يمكن أن تكون الحضانة في المراكز الخيرية الخطوة الأولى في رحلة الطفل نحو التبني، ولكنها ليست دائما كذلك. حيث يمكن أن يتم لم شمل الكفل بوالديه الحقيقيين في نهاية المطاف؛ لكن يمكن أن يظل آخرون في الحضانة حتى بلوغهم سن الرشد، في حين يتم يمكن وضع آخرين للتبني بعد أن تتنازل عائلاتهم الأصلية عن حقوق الوالدين. 

فالأطفال الذين يتم تبنيهم من رعاية الحضانة قد يكون لديهم احتياجات عاطفية وجسدية خاصة، والتي يجب على الوالدين إعداد أنفسهم لها نفسيا قبل الشروع في رحلة التبني، لذلك يمكن أن يكون التبني من الحضانة طريقة جيدة (وأقل تكلفة) لتكوين أسرة.