ما هي الأخلاق الموضوعية؟

ما هي الأخلاق الموضوعية أو موضوعية الأخلاق في علم النفس، تعرف على تعريف وتاريخ والحجج المؤيدة وانتقادات الأخلاث الموضوعية.

ما هي الأخلاق الموضوعية؟
ما هي مي موضوعية الأخلاق وهل يمكن اثباتها؟

الأخلاق الموضوعية

الأخلاق الموضوعية أو موضوعية الأخلاق هي فكرة أن الصواب والخطأ موجودان بشكل واقعي وموضوعي بغض النظر عن الأشخاص، أي دون الأخذ في الاعتبار الآراء الذاتية حول الصواب والخطأ.

فهو مفهوم مبني على أن بعض الأفعال والمعتقدات تكون حتميا جيدة أو سيئة بطبيعتها، وأن الخير أو الشر في هذه الأشياء يظل ثابتا بغض النظر عن هوية الشخص أو أي شيء آخر يؤمن به.

تشير الموضوعية إلى الواقعية أي أن الشيء الموضوعي هو شيء موجود في الواقع بغض النظر عن ذات الشخص وأفكاره، ويعرف أيضًا بعدم التحيز. 

والأخلاق تعني الشعور بالصواب أو الخطأ تجاه موضوع معين. وتُعرف الأخلاق الموضوعية أيضًا بالموضوعية الأخلاقية.

تاريخ الموضوعية

كانت فكرة الموضوعية موجودة منذ العصور الوسطى. ومن المفترض أن تكون نقيض الأخلاق الذاتية. ففكرة الموضوعية هي فكرة استخدمها الفلاسفة في أشكال ومفاهيم خاصة منذ فترة طويلة، حيث يعود هذا المفهوم في الأساس إلى زمن أرسطو.

وفي القرن التاسع عشر، تبنى الفلاسفة فكرة أن العلم يمكن أن يثبت المفاهيم بشكل واقعي، بالتالي يجب أن تصبح الفلسفة أكثر توجهاً نحو الحقائق والموضوعية من الأفكار والتأويلات الذاتية. وقد انتقد بعض الفلاسفة هذا التحول الذي شهدته الفلسفة، لكنه اكتسب قوة كافية جعلت منه نمط البحث والتفكير الأكثر هيمنة.

تاريخ الأخلاق

فكرة الأخلاق هي فكرة تتخطى وتتجاوز الانسان. على سبيل المثال، التزم بعض الحيوانات بالأخلاق أيضا، مثل الالتزام بعدم قتل بعضها البعض، وذلك لتعيش في مجموعات بنجاح وتحمي نفسها.

هل ورث الانسان الأخلاق؟

بصفتنا كائنات عاقلة نعيش في مجتمعات فإننا نعتبر أن الأخلاق لدينا ناتجة عن قدرتنا على التفكير والكتابة والتواصل بطرق معقدة.  لكن بعض النظريات التطورية في العلم تقول أننا ورثنا الأخلاق، من الناحية النظرية والعملية، من أسلافنا القرود.

ما الفرق بين الأخلاق والقيم؟

تختلف الأخلاق عن القيم لكنهما يرتبطان ارتباطًا وثيقًا. لذلك فإن أبسط طريقة لتوضيح الاختلافات بين الأخلاق والقيم هي أن أخلاق الشخص هي القيم التي يحملها، ولكن قيم الشخص تحددها أخلاقه.

الحجج المؤيدة والمعارضة للأخلاق الموضوعية

لا يمكن تحديد الأخلاق الموضوعية تحديدا علميا ثابتا بالأدلة والبراهين، لذلك فان وجودها من عدمه مسألة نسبة، فبعض الناس يؤمنون بها، والبعض الآخر لا يؤمن بها. ولكل منهم حججه في اثبتها أو نفيها.

ملاحظة: قبل الخوض في هذه الحجج، من المهم ملاحظة أن هذه المفاهيم هي مفاهيم فلسفية وليست حقائق. حيث ناقش العلماء والفلاسفة هذه الأسئلة لآلاف السنين، ولا توجد إجابة واحدة قابلة للقياس الكمي.

الحجج المؤيدة للأخلاق الموضوعية

فيما يلي بعض الحجج التي تدعم وجود الأخلاق الموضوعية:

  • الدين يحدد الأخلاق : تعتمد الحجة الأكثر شيوعًا للأخلاق الموضوعية على الخير والشر من منظور الله أي من منظور الدين. حيث تعتمد هذه الحجج على الكتب المقدسة، والتي تحتوي على العديد من التعاليم حول الصواب والخطأ وكيف ينظر الله إلى الأفعال التي يقوم بها الانسان. على سبيل المثال، قد يخشى الأشخاص الذين يؤمنون بالدين اتخاذ إجراءات معينة أو امتلاك هويات معينة لأن الكتاب المقدس يصف هذه الأشياء بأنها "خطايا".
  • المجتمع يحدد الأخلاق: فكرة الأخلاق الموضوعية موجودة أيضا حتى بالنسبة للملحدين أو الأشخاص الذين لا يؤمنون بالدين. لكن هذه الفئة من الناس يؤمنون بحقيقة بسيطة متمثلة في أن هناك سلوكيات معينة مقبولة في المجتمع وأن سلوكيات أخرى غير مقبولة، ويعتبر تحديد المجتمع لما هو مقبول وما هو مرفوض حجة واضحة على وجود الأخلاق الموضوعية. ومن الأمثلة على موضوعية الأخلاق ردود فعلنا الداخلي حول السلوكيات بأنها عادلة أو ظالمة وغيها من الأحكام، لأن الحكم على الأحداث بأنها عادلة أو ظالمة، يتم بغض النظر عن الظروف المحيطة بها.
  • تحسين الذات يحدد الأخلاق : ان الرغبة الملحة للأشخاص في تحسين ذواتهم وأنفسهم هي حجة أخرى على وجود الأخلاق الموضوعية. حيث تتضمن هذه الفكرة أفعالًا وأفكارًا متشابهة بغض النظر عمن يحاول القيام بذلك. من الأمثلة على ذلك أن تكون اللطف مع الآخرين والتصرف بإحسان. فعندما نفكر في أن نصبح أشخاصًا أفضل، فإننا نفكر جميعًا بشكل عام في أفعال مماثلة فالأخلاق موحدة لدى جميع الناس. فالأفعال السيئة مذمومة لدى جميع الناس، ويسعى الكل الى تجنبها، والأفعال الجيدة هي أفعال محبوبة لدى جميع الناس بما فيهم السيئين.

الحجج التي تنفي وجود الأخلاق الموضوعية

فيما يلي بعض الحجج التي تتعارض مع وجود الأخلاق الموضوعية:

  • النسبية الأخلاقية : الحجة الأكثر شيوعًا ضد وجود الأخلاق الموضوعية هي مفهوم النسبية الأخلاقية. تقول النسبية الأخلاقية أن الأخلاق نسبية، وتتغير بين الثقافات والفترات التاريخية. كما أن وجهات النظر تتغير اعتمادًا على المنظور. وتعتبر هذه حجة قوية لأن الثقافات تتغير وتتقلب بمرور الوقت خاصة فيما يمكن اعتباره مقبولاً أخلاقياً أم لا.
  • التحليل العلمي : تشير احدى التحليلات العلمية إلى أنه "لا توجد معايير محددة يمكن من خلالها مقارنة معتقدين أخلاقيين متعارضين بشكل مباشر لمعرفة أيهما صحيح. بدلاً من ذلك ، يقول التحليل العلمي أنه لا يمكننا إلا أن نقرر ما هو الصواب والخطأ بالنسبة لنا بناءً على الماضي، على سبيل المثال اعتقادنا الآن أن العبودية وتعدد الزوجات والقسوة على الحيوانات هي أمور خاطئة، فيحين أنها كانت في الماضي أمور مقبولة.

كيف نعرف ما هو الصواب والخطأ؟

إذا كانت الأخلاق موضوعية وأحداث مثل تعدد الزوجات يعتبر خطأ أو سيئًا من قبل الشخص العادي، فكيف استمرت هذه القاعدة لسنوات عديدة؟ ولماذا لا تزال موجودة في بعض الثقافات، بما في ذلك الثقافات الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية؟ ، لذلك يجب أن نميز بين ما هو أخلاقي وما هو قانوني لأن تعدد الزوجات أمر غير قانوني لكن يصعب الحكم عليه بأنه غير أخلاقي، وقس عن ذلك من الأحداث والأفعال. خاصة وأن بعض الجماعات الدينية لا تزال تمارسه مع العلم أن الدين مصدر الأخلاق. لذلك نطرح السؤال التالي بغرض التأمل: كيف يمكن أن يكون شيء ما "خطأ" من الناحية الموضوعية إذا كان البعض مقتنعًا بأنه "صحيح"؟.

هل الأخلاق الموضوعية موجودة بالفعل؟

لا توجد إجابة "صحيحة" حول ما إذا كانت الأخلاق الموضوعية موجودة أم لا.  وذلك لأن الحجج المؤيدة والمعارضة لوجودها قوية ومنطقية في كلا الاتجاهين.

كما أن هناك أيضًا حقائق صحيحة في كل جانب حيث يتضمن الخير أحيانا بعض الشر والعكس صحيح، فبعض الأخلاق نسبية خاصة الأخلاق الاجتماعية، والبعض الآخر كونية خاصة الأخلاق الدينية، لذلك من الأفضل اتباع الفطرة السليمة في تحديد ما هو أخلاقي وما هو غير أخلاقي، فالفطرة السليمة هي بوصلتك الأخلاقية.

الخلاصة

نتخذ كل يوم مجموعة من القرارات الأخلاقية بشأن كيفية تصرفنا في المجتمع والعالم بناءا على احساسنا وفطرتنا السليمة. لذلك سواء كانت الأخلاق الموضوعية موجودة أم لا، لدينا جميعًا إحساس داخلي بالصواب والخطأ والخير والشر بشكل فطري. إن اتباع هذا الحس الداخلي هو أفضل وسيلة لك للعيش بشكل جيد وأن تكون شخصًا متخلق على الرغم من أن الأخلاق قد تكون موضوعية وقد لا تكون كذلك. 

لذلك يمكنك أن تقرر بنفسك بناءً على بوصلتك الأخلاقية ، ما هي الخيارات الصحيحة لحياتك.

فالفلسفة موضوع معقد ولها جوانب عديدة.  لا يمكننا اعتماد أجوبتها في جميع جوانب حياتنا.

المصادر

اقرأ أيضا